نسبة الاقتباس والسرقة العلمية وكيف يمكن فحصها
تُعدُّ نسبة الاقتباس والسرقة العلمية (Plagiarism) من المعايير الجوهرية في تقييم الأبحاث الأكاديمية، لما لها من تأثير مباشر على أصالة العمل وجودته، ولتجنب المخاطر الأكاديمية والردود السلبية، من الضروري فهم طبيعة الاقتباس، أدوات الكشف عنه، والفرق بين الاقتباس المشروع والانتحال. في هذا المقال، نستعرض تعريفاته، أنواعه، الأدوات المتاحة، الفوارق الدقيقة، وأفضل الممارسات لتوثيق الاقتباسات بأسلوب علمي وأخلاقي.
ما هو الاقتباس والسرقة العلمية في البحث العلمي
الاقتباس هو إدراج نص أو فكرة من مصدر آخر في البحث: وينقسم إلى نوعين:
- الاقتباس المباشر: حفظ الكلمات حرفيًا بين علامتي اقتباس، مع ذكر المصدر بدقة.
- الاقتباس غير المباشر: إعادة صياغة الفكرة بأسلوبك الخاص دون علامات اقتباس، مع التوثيق المطلوب.
أما السرقة العلمية أو الانتحال: يعرف بأنه إدراج نص أو فكرة دون ذكر المصدر، وهو ما يُعدّ انتهاكًا لأخلاقيات البحث العلمي.
الفرق بين الاقتباس والسرقة العلمية:
يعد التمييز بين الاقتباس المشروع والانتحال ركيزةً أساسيةً في البحث العلمي، ويحدد هذا التمييز ما إذا كان الباحث ملتزمًا بالمعايير الأخلاقية أم مُخالفًا لها، يعتمد الاقتباس المشروع على الاستفادة من أفكار أو نصوص باحثين آخرين مع الإشارة إلى المصدر بدقة، سواءً من خلال التوثيق في قائمة المراجع أو استخدام المراجع داخل النص.
ويعكس هذا احترام الباحث لحقوق الملكية الفكرية ويعزز مصداقية عمله، فعندما يقتبس الباحث فقرة أو جملة، أو حتى يُعيد صياغة فكرة بطريقة مختلفة، فإنه يُضمّن اسم المؤلف الأصلي وسنة النشر ومعلومات المرجع، مما يؤكد أن عرضه قائم على أسس علمية متينة، على العكس من ذلك، يحدث السرقة العلمية عندما يُدمج الباحث نصًا أو فكرة من مصدر آخر دون الإشارة إلى مؤلفها، أو يستشهد بها بطريقة غير دقيقة تُوحي بأنها خاصة به، يعد هذا السلوك انتهاكًا واضحًا لأخلاقيات البحث، وقد يؤدي إلى فقدان الثقة بالباحث، أو رفض عمله، أو التعرض لعقوبات أكاديمية.
وهناك فرق جوهري آخر يتمثل في أن الاقتباس الصحيح يُعزز البحث من خلال الاستشهاد بالأعمال السابقة، مما يُضيف قيمة علمية، أما السرقة العلمية، فيُضعف البحث ويُصوّر المؤلف على أنه انتحال يفتقر إلى الإبداع الكافي.، ومن الأمثلة على ذلك قيام الباحث بنسخ تعريف لمفهوم من مرجع مُحدد وتوثيقه وفقًا لأسلوب APA أو MLA، هذا اقتباس صحيح، أما إذا قام الباحث بنسخ التعريف نفسه دون ذكر المصدر، أو ذكر اسم المؤلف بشكل مبهم، فإن ذلك يُعد انتحالًا أو سرقة علمية، لذلك، لا يقتصر الفرق بين الممارستين على وجود النصوص المنسوخة فحسب، بل أيضًا على كيفية التعامل معها وتوثيقها بطريقة تحفظ حقوق الملكية الفكرية وتضمن النزاهة الأكاديمية.
أدوات الكشف عن السرقة العلمية
هناك أدوات متخصصة (مدفوعة ومجانية) لفحص نسبة الاقتباس، منها:
- Turnitin: هو أشهر البرامج التي تفحص نسبة الاقتباس والسرقة العلمية، ويتم في هذا البرنامج استخدام قواعد بيانات واسعة للمقالات والأبحاث الأكاديمية.
- iThenticate: هو برنامج شبيه لـ Turnitin، ويُستخدم غالبًا من المجلات العلمية للتحقق من الأبحاث قبل النشر.
- Grammarly: يوفر فحصًا أساسيًا للانتحال، لكنه أقل شمولية من Turnitin
- وهناك العديد من الأدوات المجانية الأخرى مثل PlagiarismChecker, PlagScan, Plagiarisma, DupliChecker, Plagium: تقدم هذه البرامج خدمات ذات فعالية متفاوتة لفحص الانتحال.
خطوات الكشف عن نسبة الاقتباس والسرقة العلمية والتغلب عليها
يجب على الباحث الذكي اتباع الخطوات التالية لتجنب حدوث سرقة علمية في البحث العلمي او أن يكون هناك نسبة اقتباس عالية:
- استخدام أدوات وبرامج الفحص: وهناك العديد من الأدوات التي ذكرناها سابق، مثل Turnitin أو الدُفعية، أو أدوات مجانية مثل Duplichecker أو SmallSEOTools.
- الحصول على تقرير مفصل: يشمل نسبة التشابه والاقتباس في البحث، وكذلك استخراج النصوص المتطابقة، ووضع الروابط للمصادر؛ ويعتبر هذا التقرير جزء أساس لإجراء التحسين المطلوب على البحث.
- إعادة الصياغة أو التوثيق: تعديل وإعادة صياغة النصوص المتشابهة أو إضافة توثيق دقيق للنصوص المقتبسة، حتى لا تكون سرقة علمية.
- تطبيق أكثر من أداة: ذلك يضمن الحصول على نتائج دقيقة لتحديد أعلى دقة.
- توثيق المراجع بدقة: مثل استخدام نظام APA داخل النص والقائمة النهائية، أو غيرها من طرق التوثيق الأخرى.
ما هي نسبة الاقتباس المسموح بها في البحث العلمي
نسبة الاقتباس المسموح بها في الأبحاث والرسائل العلمية تختلف من جامعة لأخرى ومن مجلة لأخرى، فلكل منها شروطها الخاصة، فنجد أن هناك بعض المؤسسات التي تسمح بوجود نسبة اقتباس تتراوح بين 5 إلى 25% بناء على مجموعة معينة من السياسات.
بينما تسمح البعض الآخر من المؤسسات بأن تصل نسبة الاقتباس إلى من 15 إلى 30 %، وإذا تعدت نسبة الاقتباس هذه الأرقام ترفض المقدمة ويتم إعادة الطلب مرة أخرى.
توثيق الاقتباسات أكاديميًا
يُعد توثيق الاقتباسات بدقة من أهم طرق حماية الباحثين من الانتحال. يتطلب التوثيق جمع المعلومات الأساسية عن المصدر، مثل اسم المؤلف، وعنوان العمل، واسم الناشر، وسنة النشر، ثم إدراجها في النص، إما في الحواشي السفلية أو بين قوسين، وفقًا للأسلوب الأكاديمي المعتمد، مثل APA أو MLA أو Chicago، لا ينطبق هذا على النسخ الحرفية للنصوص فحسب، بل يشمل أيضًا إعادة صياغة الأفكار؛ إذ تُعتبر إعادة الكتابة دون ذكر المصدر شكلاً من أشكال السرقة العلمية، لذلك، من المهم للباحثين توثيق المصدر بدقة في النص وفي قائمة المراجع النهائية لضمان نزاهة عملهم وعكس التزامهم بالنزاهة الأكاديمية.
تأثير الاقتباس الصحيح على قواعد السلوك المهني
الالتزام بدقة الاستشهادات ليس مجرد إجراء شكلي في كتابة البحث؛ بل يعكس التزام الباحث بقواعد السلوك المهني للبحث الأكاديمي، يظهر الاقتباس المُوثوق احترام الباحث لحقوق الملكية الفكرية، ويُجسّد نهجًا تعاونيًا في تطوير المعرفة، إذ يعتمد الباحث على جهود من سبقوه بدلًا من ادعاء الاستقلال التام عنهم، ويُعزز هذا السلوك ثقة اللجان الأكاديمية والمُحكمين بالبحث، الذين يعتبرون الالتزام بالتوثيق دليلًا على الأصالة والجدية، كما يُسهم الاعتراف بالمصادر الأصلية في تقدير المساهمات العلمية للآخرين، ويُؤكد أن المعرفة البشرية نتاج تراكمي يتطور عبر أجيال مُتعددة من المساهمات.
كيف تُكتشف الاقتباسات المُشكوك فيها؟
يتم اكتشاف الاقتباسات المُشكوك فيها من خلال طريقتين رئيسيتين، هما:
- الأولى هي المراجعة البشرية، حيث يعتمد المُقيّمون أو المُحكمون على خبرتهم الأكاديمية لتتبع الأسلوب اللغوي أو المحتوى الفكري للبحث، مما يُمكّنهم من اكتشاف النصوص المُنسوخة أو غير المُوثقة، لا سيما في مجالات الأدب والعلوم الإنسانية.
- الطريقة الثانية هي الأدوات الإلكترونية، مثل برامج كشف الانتحال، التي تقارن النصوص المدخلة بقواعد بيانات ضخمة من المقالات العلمية والمواقع الإلكترونية والمجلات المحكمة، وقد ازداد استخدام هذه الأدوات – مثل Turnitin أو iThenticate – على نطاق واسع نظرًا لفعاليتها وسرعتها في إظهار معدلات التشابه وتحديد الاستشهادات بدقة.
نصائح عملية للحد من الانتحال
يمكن للباحثين تجنب الانتحال باتباع مجموعة من الممارسات الأكاديمية السليمة، أولها إعادة صياغة الأفكار بكلماتهم الخاصة بعد فهمها جيدًا، بحيث يعكس النص الجديد فهم الباحث بدلًا من الترجمة الحرفية، كما يُنصح بدمج عدة مصادر مختلفة لصياغة فكرة مبتكرة، بدلًا من الاعتماد على فقرة واحدة من مصدر واحد، في الحالات التي يضطر فيها الباحث إلى الاقتباس مباشرةً، يجب أن يكون ذلك محدودًا وموثقًا بدقة، مع وضع علامات اقتباس وإشارة إلى المراجع. ومن المفيد أيضًا استخدام أكثر من أداة واحدة لفحص الانتحال، لأن دمج نتائجها يوفر دقة أكبر، من المهم أيضًا المراجعة المستمرة لسياسات الجامعات والمجلات الأكاديمية التي تحدد النسبة المقبولة للانتحال، لضمان امتثال عمل الباحث للمعايير الأكاديمية المعمول بها.
الخلاصة
في نهاية المطاف، يمكن القول إن الانتحال الأكاديمي أو الاقتباس العلمي ليس عيبًا أو انتقاصًا من قيمة البحث، بل هو دليل على جدية الباحث ومصداقيته، شريطة أن يُجرى ضمن أطر أكاديمية سليمة، فالاستشهادات الموثوقة القائمة على التوثيق السليم تعزز قوة البحث وترسّخ مكانته، بينما يُضعف الانتحال البحث ويُعرّض مؤلفه للمساءلة الأكاديمية والأخلاقية، ومع توافر أدوات متطورة للكشف عن التشابه، مثل Turnitin وDuplichecker، يُمكن حماية البحث بشكل أكبر من السرقة العلمية، ومن خلال الالتزام بإرشادات التوثيق والصياغة السليمة، يُمكن للباحثين ضمان أصالة أعمالهم وموثوقيتها، مما يعكس أعلى مستويات الاحترافية والالتزام بالمعايير الأخلاقية في البحث العلمي.